كتاب جغرافيات التنمية: مدخل إلى دراسات التنمية

يتسم هذا الكتاب بطرح يبعد عن تقليدية الطرح العام للمراجع الدراسية في حقل جغرافية التنمية. ومحتوى الكتاب يظهر بوضوح التوسع الجاري في مجال دراسة التنمية متجاوزًا أحادية دراسات التنمية (الجانب الاقتصادي)، ليشمل الجوانب الاجتماعية والمحافظة على البيئة والهوية الثقافية وتطوير القدرات البشرية. هذا مع قيام مؤلفو الكتاب بمناقشة هذه القضايا، وغيرها عبر المستويات المكانية المختلفة، بدأ من القرية فالمحليات إلى المستوى العالمي مرورًا بالمستويات الإقليمية. ومع شمول تناولات ومحاور الكتاب فقد أصبح مرجع علمي مناسبًا لأي مقرر في الاتجاهات الرئيسة لدراسات التنمية في التخصصات العملية ذات الصلة من علوم الاقتصاد والجغرافيا والتخطيط الإقليمي والوطني وعلم الاجتماع الريفي وعلم الزراعة.. الخ. ويشتمل الكتاب على ثلاثة أقسام رئيسة ينطوي تحتها عشرة فصول. فالقسم الأول من الكتاب يتناول الاطار المفاهيمي للتنمية عبر أربعة فصول (فحص وتحليل معاني التنمية – الاستعمار والامبرالية، في سياق التطور التاريخي لاتجاهات التنمية - نظريات واستراتيجيات التنمية – العولمة والتنمية والتخالف). أما القسم الثاني فيتناول عملية التنمية في الممارسة الفعلية عبر رصد ومناقشة عناصرها الرئيسة وذلك من خلال ثلاثة فصول (الانسان في العملية التنموية – الموارد والبيئة – مؤسسات التنمية). وأخيرًا يعالج القسم الثالث من الكتاب المساحات التي تتم عبرها العمليات التنموية، وذلك عبر ثلاثة فصول (التحركات والتدفقات – الحيز الحضري – الحيز الريفي). وعمومًا فإن بنية مواضيع الكتاب وتوجهها إنما تتمحور على قضايا التنمية المعاصرة مثل: رأس المال الاجتماعي، المجتمع المدني، اتجاه مناهضة التنمية، اتجاه مناهضة الرأسمالية، تيار ما بعد الحداثة، العولمية، الجندر (النوع) والتنمية، برامج تحفيض مستويات الفقر، التغير المناخي، التنمية المستدامة، التدهور البيئي، الاحتياجات البشرية الأساسية، تمكين الأفراد لتولى مقاليد حياتهم. وهذه القضايا لم يتم التعامل معها كفصول قائمة بذاتها، كما يتضح أعلاه، ولكن بشكل ملائم عبر نقاط مختلفة في الكتاب وأحيانًا عبر مجموعة متنوعة به المنظورات ومثل هذه الاتجاه في تناول القضايا المذكورة إنما يعكس في الوقع تعقد هذه القضايا في سياق جغرافيات تنمية متعددة الأبعاد. هذا يركز الكتاب بمجمله على العمليات التي تؤدي للتغير سواءً فيما كان للأحسن أو للأسواء، واينما يحدث التغير سواءً في العالم المتقدم أو ذلك النامي. إن البعد الجغرافي لقضايا التنمية في الكتاب لا يظهر عبر التقسيم التقليدي للدول حسب مستواها التنموي فقط ولكن أساسًا عبر التداخلات العولمي في مجال النمو والتغير اقتصاديًا واجتماعيًا مما ينقل القارئ إلى خريطة العالم الأكثر تعقدًا حاليًا ما بين جوانب الكرة الأرضية، مدن ومحليات وأقاليم.. إلخ، وليس ما بين الدول فقط. وهذا الأمد يجعل القارئ الجغرافي للكتاب في مواجهة واضحة مع الجغرافية المعاصرة والمعقدة للعمليات التنمية. وعمومًا فأن الكتاب يحفل بالسرد والتفسير لقضاياه مستعينًا بعديد الأشكال البيانية والخرائط والجداول والصور، فضلاً عن صناديق المعلومات التي تحيل القارئ لتفاصيل ذات الصلة بمواضيع الكتاب لكيلا تثقل على الاتجاه العام لكل موضوع وفصله وتجعله أكثر ملائمة وسهولة للقراءة. وأخيرًا فقد صدر من هذه الكتاب حتى الآن أربع طبعات منذ عام 1999 وكان أخرها في عام 2018م.