اسهامات الباحثون الكلاسيكيون الآخرون
ب- علم اقتصاد التوطن للوش.
بينما نظر ويبر بصورة عامة إلى التوطن الصناعي على أنه نتيجة للاختلافات الجغرافية في تكلفة إنتاج وتسليم المنتج، فقد ركز محللون توطنيون آخرون على الاختلاف المكاني في المبيعات المحتملة للإنتاج. فكتب أوجست لوش (Losch) في عام 1939 مميزا لوجود اتجاهين لدراسة التوطن الصناعي، وهما اتجاه التكلفة الأقل مقابل اتجاه المبيعات القصوى (إجمالي المبالغ المستلمة). وقد استمر لوش في تطوير نظرية قائمة على فكرة الربح الأقصى، منجزا بذلك واحدا من أكثر الأعمال أصالة في مجال نظرية التوطن الكلاسيكية. لقد لاحظ لوش "أن الموقع الصحيح لرجل الأعمال الفرد، حيث يسود الاقتصاد الحر إنما يكون حيث يكون الربح الأقصى"( ). وبما أن الربح الصافي، مثل الفرق ما بين إجمالي مبالغ المبيعات المُستلمة والتكاليف الدنيا، فإن الحل الذي يسعى إليه رجل الأعمال بالتالي هو إيجاد الموقع المتسم بتعاظم هذه الفروق به. هذا ولقد كتب لوش، بعدما أدرك ما يُعنى نظريا بالموقع الأمثل، قائلا بأنه من المستحيل تجريبيا إتمام فحص كل النقاط الموجودة في منطقة ما، ليمكن تقرير التكلفة والطلب، ومن ثم تقرير المكان الذي يدر أعظم الأرباح المالية. ومن ناحية أخرى، فمع أن لوش قد انتقد اتجاه ويبر الأحادي ذي التكلفة الدنيا، إلا إنه هو الآخر قد كان مقصرا لتجاهله لعنصر التكلفة بشكل كبير، ولأنه أكد بشكل مبالغ فيه، على عناصر الطلب أو المبيعات في معالجته لنظرية التوطن من خلال مفهوم مضاعفة الربح لحده الأقصى.
ج- اقتصاد المكان لأزرد
يمثل نشر كتاب التوطن واقتصاد المساحة لوا لتر أزرد Isard في عام 1956م( )، مساهمة رئيسة أخرى للنظرية التوطن. فلقد حاول أزرد أن يطور نظرية عامة للتوطن (بما في ذلك التوطن الصناعي)، وذلك من خلال دمج أعمال كل من فون ثونن Thunen وويبر Weber ولوش Losch في عمل واحد. فقد ربط ازر نظرية التوطن مع النظرية العامة لعلم الاقتصاد من خلال استخدام مبدأ الإحلال substitution principle وتفصيل ذلك هو أن عنصر رأس المال يمكن أن يحل محل عنصر العمال، على سبيل المثال في النظرية الاقتصادية. ويمكن النظر بشكل مماثل إلى اختيار موضع الصناعة التحويلية من ضمن عدة مواقع بديلة، كعملية إحلال للمصروفات ما بين عوامل إنتاجية مختلفة، ومن ثم يتم اختيار الموضع الأمثل.
هذا ويزودنا الشكل 2-8 بتوضيح بسيط لمبدأ ازرد للإحلال. فنرى في الشكل 2-8 وضع ويبريا ( ) ذا سوق واحد (س) ومصدرين (م1-م2) يتم الحصول منهما على مواد الصناعة. ويمثل الخط الممتد ما بين (ت) و(ب) مجموعة من المواقع الممكنة ( ). والتي تم اختيارها عشوائيا على بعد 3 أميال من نقطة الاستهلاك (س). وقد تم رسم المسافة من م1 في القسم (ب) من الشكل 2-8، مقابل المسافة من م2، اتصالا بالخط (ت ب) والذي يُطلق عليه اسم خط التحول transformation line. كما تبلغ المسافة الممتدة ما بين م1 إلى الموقع "ت" ميلان، بينما تبلغ 7 أميال من م2 الى ت. وأما المسافة في الموقع ب، وعلى العكس مما سبق، فإنها تصل إلى حوالي الـ 4 أميال من "م1" وخمسة من "م2" اليه. وعموما فإن المسافات إنما تزداد كلما انتقل المرء على خط التحول فيما يتصل بموضع واحد لمواد الصناعة كما أن المسافات إنما تتناقص في الوقت نفسه اتصالا بالموضع الآخر. يستتبع ذلك أنه إذا ما اعتبرنا هذه المسافات عناصر تكاليف مواصلات، فإنه يتم إحلال تكاليف المواصلات لموضع واحد محل تكاليف مواصلات الموضع الآخر.
لقد تم رسم ما سُمي بخطوط الإنفاق المتساوية equal outlay lines في القسم الثالث من الشكل 2-8 من أجل تقرير الموقع المثالي لإقامة صناعة على طول الخط ت – ب. وهذه الخطوط إنما تصور تكاليف نقل مواد الصناعة من مصدرين.( ) وبآخذ هدف تقرير الموقع الأمثل في الاعتبار، فسوف يقع المكان المختار في النقطة × وهي التي تمثل النقطة ذات التكلفة الأقل، على الخط ت-ب، بالنسبة لذلك، الخط من خطوط الإنفاق المتساوية، وفي الواقع، فإن الموقع المثالي كائن في نقطة ×، وذلك اتصالا بتكاليف النقل من نقطتي م1 و م2 الى × وأيضا بناء على المثال البسيط المُعطى عن الإحلال ما بين المواقع الموجودة على بعد 3 أميال من نقطة الاستهلاك.
في مجمل القول، فإن نتائج تحليل أز رد، هذا إنما تتبع نهج ويبر، باستثناء التأكيد المفاهيمي على عنصر الإحلال.
هوفر والاختلافات المكانية في العرض والطلب (١٩٣٧):
بالرغم من ان هوفر قد عمل في نطاق مجال الموقع الأقل تكلفة إلا انه قد اعطى اهتماماً للاعتبارات المكانية للعرض والطلب وذلك في مؤلفيه الذين انجزهما في عامي (۱۹۳۷). و(١٩٤٨) ولقد ركز هوفر في دراسته على تكلفة المواصلات وتكلفة الانتاج ومزايا التجمع فيما يتعلق بمواقع الشركات المفردة، كما درس تطور انماط الصناعة ومشاكل المجتمعات والأقاليم، وفي هذا الصدد اهتم هوفر أيضا بتوطن النشاط الاقتصادي بما في ذلك اثاره سواء في الفترات القصيرة (الكساد والازدهار الاقتصاديين) او الاتجاهات طويلة الأمد بما في ذلك التطورات التقنية. وخلاصة القول انه اهتم بعديد من العوامل التي اغفلها الفرد ويبر في نظريته وخاصة الاعتبارات السياسية في عملية التوطن.
من اهم اضافات هوفر لنظرية الموقع الأقل تكلفه هو اهتمامه الاكثر تفصيلا بعناصر تكلفة النقل حيث قال بأن مثلث ويبر للتوطن يمكن ان يتأثر إذا ما اضفنا مزايا حمولة النقل على المسافات الطويلة، فإذا كانت تكاليف النقل تتناسب بشكل مباشر مع المسافة. كما يقول ويبر فأن الأثر التوطني على شركة ذات مصدر واحد للمادة الخام يتمثل في وتوجها لسوق واحد يتضح في الشكل (٢ - ٩) حيث ان تجميع تكاليف رسوم النقل المختلفة، والتي تتمثل في خطي (ت و) - (ت م) يجعلنا نحصل على التكاليف الكلية ممثلة في الخط الأفقية (ت و + ت م). وهذا الشكل الأفقي انما يحصل هنا لأن كل من تكاليف الحصول على المادة الخام وتكاليف توزيع المنتج هي تكاليف متساوية وذلك اذا ما استخدمنا مادة خام نقية، وفي هذه الحالة فأن موقع المصنع الأمثل اما ان يكون في السوق او منطقة المادة الخام او بينهما كما قال الفرد ويبر.
أشار هوفر ايضا الى ان منحنيات رسوم النقل الحديث لا تأخذ وضعاً خطياً كما هو الحال في الشكل (٢-١٠) . فبدلاً من البدء من نقطة (س) في هذا الشكل فأن المنحنى (ت م) يبدأ من نقطة اعلى من نقطة (س) كما يبين الشكل، والسبب في ذلك ان وكالات النقل اليوم تأخذ تكاليف اضافية مقابل عمليات التحميل والتفريغ واعداد الفواتير وغيرها ( تكاليف محطية) وذلك في كل من طرفي رحلة النقل. ايضاً يأخذ منحنى تكاليف النقل الكلية (ت م + ت و) في الشكل (2- 10) شكل اكثر انحنائية لوجود تكاليف اضافية متمثلة في صيانة وسائل النقل وذلك بالنسبة للحمولات الكبيرة. هذا بالإضافة الى ان الأميال التي تتكلف رسوم نقل اكثر هي تلك القريبة من نقطة البدء حيث ان التكلفة تنخفض مع كل (ميل) زيادة عن نقطة البدء.
أي ان الموضع ذو التكلفة الأدنى للإنتاج من حيث المواصلات انما يقع في الشكل عند طرفي منحنى (ت م + ت و) وليس بينهما. أيضا يوضح الشكل لماذا توجد التجمعات الصناعية في مناطق محطات السكك الحديدية وعقد شبكات الطرق البرية والجوية وغيرها وبخاصة في نطاق الاتصال بين مختلف طرق هذه الشبكات. هذا وإضافة لما سبق فإن هنالك النقاط التالية:
1. يدفع المشتري كل رسوم تكلفة نقل السلعة بدءًا من شحنها من المصنع.
2. يتم تحديد أسعار السلع على أساس تكلفة المستثمر الصناعي الكلية بالإضافة الى ما يُضاف على هذه التكلفة من تكاليف نقل أخرى لتحديد السعر .
3-تمثل كل شركة موقع منفصل عن مواقع الشركات المنافسة كما يحتكر كل منتج البيع للمستهلكين الموجودين قريباً من موقع إنتاجه. ويكون هذا المُنتج قادر على الوصول الى هذا الاحتكار انطلاقاً من أنه يعد أوفر للمستهلك أن يشتري من المنتج القريب منه أذ سوف يدفع رسوم نقل مضافة على سعر البضاعة أقل مما كان سيدفعه لو تعامل مع مُنتج يوجد في منطقة أبعد مسافيه منه.
4- أن معدلات رسوم الشحن متساوية لكل الشركات الصناعية.
وعموماً يبين لنا الشكل رقم (2- 11) الأوضاع المختلفة لمنطقة سوق ترجع لمصنعين متنافسين تحت ظروف مختلفة:
1. في الشكل رقم (2 – 11:أ) نرى حالة مثالية حيث لا يحظى أي من المنتجين (أ،ب) بأي مزايا خاصة وبالتالي فأن سوقيهما متماثلين في الحجم ومفصولين بالخط (XX) وأي مستهلك موجود في أي نقطة على حدود هذا الخط سوف يدفع رسوم تسليم واحدة على سعر البضاعة التي سوف يشتريها سواءً حصل عليها من المنتج (أ) أو المنتج (ب). بينما يشتري المشتري الموجود على يسار الخط (XX) السلعة بأسعار أقل من المنتج (أ) مقارنة بالسعر الذي كان سيدفعه لو أشترى من المنتج(ب) والعكس بالنسبة للمشتري الموجود في منطقة سوق المنتج (ب).
2. المنتج (أ) في الشكل (2- 11:ج) كسب بعض مزايا تكلفة مقارنة بالمنتج (ب) وبالتالي يمكن للمنتج (أ) أن يخفض تكلفة بضاعته وأن يكسب مساحة سوقية اكبر مقارنة بوضع زميله المنتج (ب). وقد تحصل هذه المزايا لعدة أسباب كارتفاع أجور العمال في منطقة سوق (ب) أو انخفاض إنتاجية او حصول زيادة في إيجار موقع المصنع أو انخفاض في نوعية المواد الخام او زيادة في تكلفة جلبها الى موقع المصنع أو ربما يكون المستثمر (أ) قد نجح في تنظيم عملياته الإنتاجية واستطاع بالتالي تخفيض تكلفة انتاجه. ومهما كان السبب فأن النتيجة تكون أن المستثمر (أ) يستطيع توسيع مساحته السوقية على حساب المستثمر (ب) مما يجعل الحدود بين منطقتيهما تتحرك الى اليمين فتتخذ شكل إنحنائي.
3. في الشكل (2-11:ج) نجد أن الظروف تغيرت بحيث استطاع كل من المنتجين (أ، ب)غزو المساحة السوقية القريبة من موقع كلاً من المتنافسين مما يؤدي الى تقليل القدرة الاحتكارية لكل منهما وهذا الوضع.
يمكن حصوله عن طريق قيام أي من المستثمرين باستبعاد جزء من رسوم النقل ربما على حساب المستثمر الأقرب لموقع المصنع او عن طريق تحسين تغليف المنتج او إعطائه اسماء جديدة مميزة، وحتى لو لم توجد اختلافات في تكاليف ونوعية الإنتاج لكل من المنتجين المتنافسين فأن تفضيلات المستهلكين ستتطور لتخلق ما بمنطقة يسمى عدم احتكار او عدم اختلاف وهي الشكل (٢-١1:ج) بين كل من (XX) و(YY). ففي هذه المنطقة قد يفضل بعض المستهلكين شراء بضاعة من (أ) بينما يفضل اخرون شراء بضاعة من(ب).
والواقع ان معرفة المنتجين (أ، ب) لأي من الظروف التي تتغير في صالح كل منهما او حتى مجرد شكهما في حصولها ربما تجعل أي منهما يبحث عن موقع جديد وذلك للحصول على مزايا توطنية جديدة او للتغلب على المساوئ الحالية. وفي بعض الظروف قد ينتهي المتنافسان الى أن يختارا موقعان لمصنعيهما الى جانب بعضهما الآخر ويتقاسمان بالتالي منطقة السوق.
وأخيراً فأن تحليل منطقة السوق يعد تحليلاً ذو فائدة في دراسة الصناعات ذات المنتج الموحد معياريًا أو المنتجات ذات تكاليف النقل المرتفعة حيث تحتوي على رسوم تكاليف مرتفعة.
ه- هوامش سميث المكانية.
لقد قدم دايفيد سميث smith، في محاولة أكثر حداثة من ما سبق لتوليف العوامل المختلفة لنظرية التوطن الصناعي اتجاه لدراسة التوطن، سُمي باتجاه الهوامش المكانية( ). ويتسم تقييم سميث المفاهيمي هذا بكونه مباشرا، وبأنه مبني على مقولات محللي التوطن الآخرين. وقد بدأ سميث ( ) الأمر، انطلاقًا من إدراكه لتعقد قرار التوطن الصناعي، بتبسيط الظروف الواقعية. فافترض سميث أن هنالك باعثا للحصول على الربح لدى رجال الأعمال، كما أنه قد لاحظ أن تكاليف المعالجة الصناعية للمواد إنما تتفاوت عبر المكان شأنها شأن الدخول، وبالتالي فإن الموقع الأكثر ربحية يكون حيث تتجاوز الدخول التكلفة الكلية بمقدار ضخم، وذلك كما يوضح الشكل 2-12. فيتسم الدخل الكلي (د ك) في القسم أ من الشكل المذكور بثباته عبر المكان، كما يظهر ذلك في الخط الأفقي، بينما يزداد خط التكلفة الكلية (ت ك)، والذي أُطلق عليها مصطلح منحنى تكلفة المساحة space cost curve، كلما ابتعد عن النقطة صفر. كما تماثل التكلفة الكلية الدخل الكلي في النقاط (م أ) و(م ب)، بينما تصبح عملية الربح فيما هو خلف هذه المسافة أمرًا مستحيلاً. يستتبع ذلك أن كلا من (م- أ) و(م ب) تمثلان بالتالي الهوامش المكانية للربحيةspatial margins to profitability حيث لا يستطيع المرء فيما هو خلفهما الإنتاج بربحية. وتمثل النقطة (صفر)، في هذه الحالة، الموقع المثالي حيث تصل فيها الأرباح إلى أقصى حد لها. يظهر القسم ب من الشكل 2-8، من ناحية أخرى، وضعا تتسم فيه التكاليف الكلية بسكونها مكانيا، بينما يتفاوت الدخل مكانيا. وتحقق النقطة صفر موقع الربح الأقصى، بينما يمثل كل من (م أ) و (م ب) الحدود المكانية التي يستحيل حصول الربحية فيما هو خلفها. وأخيرا، يظهر القسم (ث) من الشكل 2-12 التفاوت المكاني في كل من التكلفة الكلية والدخل الكلي. ويستتبع كل ذلك أن كلا من التكلفة الكلية والدخل الكلية قد يأخذا أي تركيبة ذات تعبير جغرافي معين. كما يمكن نظريا تحديد الربح الأقصى، وينطبق الشيء نفسه على الهوامش المكانية للربحية.
شكل 2-12: تشرح هوامش سميث للربحية هنا أوضاعًا مختلفة مكانيًا للتكلفة - الربح، المصدر Smith
هذا، ويمثل القسم أ من الشكل 2-12 اتجاه ويبر في نظرية التوطن، حيث تتفاوت التكلفة بينما يتم تجاهل الدخول أو يُفترض تساويهما في كل مكان. أما القسم ب من الشكل في مثل افتراض لوش للدخل المتغير عبر المكان وثبات التكلفة. وفي كل من القسمين أ و ب من الشكل 2-12 يمكن لويبر، لوش وسميث ( ) تحديد النقطة (صفر) على أنها الموقع المثالي، بالرغم من أن كلا منهم قد نظر إلى المشكلة من وجهة نظر مختلفة عن الآخرين. هذا وقد أشار سميث إلى أن أي شركة إنما تكون حرة في أن تتوطن في أي مكان ضمن هذه الهوامش المكانية، حيث قد تُؤخذ، على سبيل المثال، عوامل غير اقتصادية في الحسبان من قبل شركة ما فتتوطن في موقع بعيدا عن موضع الربح المثالي، فهذا الموقع المُختار إنما يعطي في الوقت نفسه لرجل الأعمال صاحب الشركة رضا أعظم مما لو كان التوطن قائما في نقطة الربح الأقصى. كما أشار سميث إلى أنه ليس من الممكن، تجريبيا، وكما أدرك لوش، الحصول على بيانات كافية لرسم كل هذه التفاوتات الجغرافية. ومن ناحية أخرى، فإننا قد لا نعرف في الحقيقة أين هو الموقع الأمثل، إلا أن أي موقع ضمن الهوامش المكانية إنما يعطي ربحية بالرغم من كونه أقل مثالية. وأخيرا، فإن نموذج سميث يسمح بإدخال السلوك الأقل مثالية في نظرية التوطن الصناعي، وهذا ما يمثل بالتالي خطوة باتجاه الإدراك المتزايد للعوامل غير الاقتصادية، والتي لها أهميتها في نظرية التوطن الصناعي. هذا، وينبغي ملاحظة أنه قد تم انتقاد الدراسات التي تفترض أن تحديد موقع شركة ما إنما يقوم على أساس مبدأ تعظيم الربح للحد الأقصى. وقد أشار ميخائيل ويبر Webber إلى أن العناصر الصانعة للقرارات عادة ما تكون غير ممتلكة لمعلومات كافية تساعدها في اختيار موقع مثالي محقق للربح في حده الأقصى. بالإضافة إلى ذلك فإن قرارات تحديد مواقع الشركات قد تتضمن عناصر مشاركة في عملية صنع القرار، وهي ليست ذات حصص شخصية في الأرباح المشتركة المُتحققة.(pp 37-40).